.

667

21 April 2017

  • تقنية الطباعة POD

    هاني النجار
    عــدد الزيــــــــارات:
    في المقالات السابقة تحدثنا عن المرحلة الأولى لنشر كتاب والتي تبدأ عند الكاتب، تناولنا موضوع الكتابة بشكل عام وكيف تكن كاتباً؟، والمرحلة الثانية تناولنا فيها عملية المراجعة والإخراج الفني وتحدثنا عن إعداد الكتاب للطباعة، أما المرحلة الثالثة فكانت الطباعة وكيف تُطبع الكُتب؟ وقلنا أن الطباعة إجمالاً نوعين هما الطباعة الأوفست، والطباعة الديجيتال وهي الطريقة المعتمدة في تقنية الطباعة حسب الطلب POD ما هي إذن تقنية الطباعة حسب الطلب؟

    أولاً لابد أن نفهم المراحل التي يمر بها الكتاب منذ الطبع وحتى النشر في الطريقة العادية حتى نفهم الفرق بينها وبين الطباعة حسب الطلب.

     دار النشر تقوم أولاً بتوزيع طبعة واحدة من الكتاب (ألف نسخة)، باستخدام وسائل التوزيع المعروفة كالمكتبات، وأكشاك البيع، والمعارض، وعندما يشترى القراء الألف نسخة فربما تقوم بتوزيع طبعة ثانية وثالثة، وهكذا.
    وهذا طبعا لا يحدث إلا إن كان للكاتب اسم كبير، بغض النظر عن القيمة فهي ليست موضوعنا الآن، أو أن تقوم الدار بحملة دعاية كبيرة للكتاب وهذا طبعاً يتكلف الكثير من المال.
    أما في حالة الكاتب المبتدئ فغالباً لا يتم توزيع النسخة الأولى كلها، ولا حتى ربعها، وحتى الأعداد التي توزع تكون في الغالب لأصدقائه وأهله ومعارفه، والباقي يصبح مرتجعاً بياع فيما بعد على الأرصفة أو تُسلم للكاتب يتصرف به كما شاء.

    وبحسابات الربح والخسارة، نجد أن الدار لم تخسر شيء على العكس ربحت مالياً من عملية الطباعة التي تحمل تكلفتها الكاتب، وربحت من كل نسخة تم بيعها، وربحت عنوان جديد لكتاب تم إضافته لمنشوراتها أعمالها، أما الكاتب فأولاً خسر مالياً حين تحمل تكلفة الطباعة والنشر، وخسر معنوياً لأنه سوف يُصاب بالإحباط ظناً منه أنه كاتب فاشل دون العلم بأن هذه العملية تعتمد على حسابات السوق وليس على الموهبة، يعني خسارة للكاتب من كل النواحي.

    هذه هي الطريقة التقليدية المعمول بها منذ زمن أخناتون، ولكن في العصر الحديث (العصر الرقمي) ظهرت تقنيات أخرى من أهمها تقنية الطباعة حسب الطلب؛ وهي تقنية غربية طبعاً تعتمد على عرض الكتاب على الانترنت، وإذا أراد أي قارئ شراء الكتاب فإنه يطلبه لتقوم الدار بطباعة نسخة واحدة من أجله وترسلها له وتحصل ثمنه المعروض، وتحول هذا الثمن إلى الكاتب بعد خصم نسبة حوالي 10% أو 15% كعمولة، وأحيانا أقل. مع العلم أن دور النشر التقليدية تحصل على 75% وأحيانا 80% من ثمن الكتاب، والواقع أسوأ من ذلك، فالكاتب غالباً لا يحصل على شيء.

    هل تعلم أن بعض الكتاب في الولايات المتحدة وأوروبا حصدوا ملايين الدولارات من خلال بيع كتبهم بهذه الطريقة؟ هل تعلم كم كاتباً عربياً موهوباً أحبطته الطرق التقليدية وجعلته يتوقف عن الكتابة؟ وكم غيرهم لا يستحقون لقب كاتب تزخر بهم المكتبات وتتصدر أسماؤهم الصحف؟
    من هنا كانت لطريقة الطباعة حسب الطلب مميزات كثيرة، لكن هذه التقنية يعيبها أولاً أنها عند تطبيقها في وطننا العربي تكتنفها نفس عيوب الطريقة التقليدية للنشر (المال، والمحسوبية)، إلى جانب أننا لازلنا حتى الآن بنسبة كبيرة جداً نجهل التقنيات الحديثة والأنترنت، إلى جانب التكلفة العالية بدون أي مبرر.
    ولك أن تتخيل بأن إحدى دور النشر قررت تطبيق هذه التقنية ففتحت باب التبرعات لجمع مائة ألف دولار رغم أنها في الواقع يمكن تنفيذها بتكلفة أقل من 10% أو 5% أيضاً من هذا المبلغ، وثمن الكتاب كحد أدنى ثلاثة دولارات رغم أنه تكلفته لا تتجاوز الدولار الواحد، أو دولار ونصف كحد أقصى.

    هذه هي تقنية الطباعة حسب الطلب ومالها وما عليها، مع العلم أن من مميزاتها أنها لا تكلف الكاتب المال، فيكفي البحث عن موقع يقدم هذه الخدمة ورفع الكتاب إليه وانتظار العائد المعنوي والمادي، لكن تبقى عقباتها حائلاً في وجه الكاتب إلا إذا ابتكرنا مناورة للتحايل على هذه العقبات والجمع بين هذه التقنية وطريقة الطباعة والنشر التقليدية، وهذا هو مشروعنا الذي نمهد له بهذه السلسلة من المقالات.

    في المقال القادم إن شاء الله سنتحدث بتفصيل أكثر عن عملية النشر سواء التقليدية أو غير التقليدية، الورقية والإلكترونية على السواء. لنضع الناشر في ميزان الواقع.